المدينـة الـتي* ماتـت
بمناسبة الذكرى الـ* 47 للزلزال الذي* كاد أن* يقضي* على مدينة المرج* عام* 1963م كما* اطلقت* عليها مجلة الجندي* البريطانية* أبريل1963 المدينـة الـتي* ماتـت
> تساقطت قطرات الأمطار الغزيرة من وريقات أشجار اللوز المزهرة،* ودوت قرقعاتها على سطوح تلك البيوت العربية البالية المتهلهلة* ،* بينما كانت النساء* يقمن باعداد وجبة الإفطار في* أحد أيام شهر رمضان*. كانت عقارب ساعة المدينة تشير إلى الساعة* 7.18 مساءً،* ثم*…. وبدون إنذار*… زلزلت الأرض زلزالها* – فارتعشت تلك المدينة الليبية الزراعية التاريخية رعشات الموت*.
انهارت المرج وكأنها مدينة صُنِّعت من ورق اللعب1 عاجزة عن الوقوف ضد تلك الهزات الأرضية العنيفة،* فانسحقت مئات من العائلات تحت الأنقاض،* وكثير منها وجدت نفسها محاصرة اختنقت انفاسها تحت وابل من الصخور المتهاوية*. أما أولئك الذين تمكنوا من النجاة بأنفسهم فقد هربوا بخطى متعثرة مرتبكة،* يركضون كالعميان لا* يرون ما أمامهم،* فقط* ليفتحوا لأنفسهم طريقاً* هرباً* من هذا الدمار*.
يالها من طبيعة قاسية،* فقد اختارت أسوأ الأوقات على الإطلاق،* حيث كان أغلب سكان* (المرج2) Barc داخل بيوتهم وقت الزلزال* ينتظرون أذان الإفطار بعد* يوم طويل من الصيام،* عندما ضرب الزلزال المدينة،* فجعل من كل بيت كومة من الدمار دفنت تحتها عائلات بكاملها*.
خلال دقائق معدودة أصبح أكثر من نصف سكان مدينة المرج الذين* يبلغ* عددهم* 17,000 نسمة بدون مأوى*. فقط المباني* الحكومية الحديثة والكنيسة تمسكت بقواها وظلت واقفة،* وحتى هذه تصدّعت بشكل كبير*.
بعد ساعتين من الهزة الأولى وصل الجنود البريطانيون ملبيين النداء بعد سماعهم طلب النجدة،* فغادروا بنغازي* التي* تبعد حوالي* 60 ميلاً* من مدينة المرج للمساعدة في* عمليات الإنقاذ*.
كان أول من وصل إلى المكان هم جنود السرية* (ج*) التابعة للكتيبة الأولى* (فوج ديفونشاير ودورسيتDevonshire & Dorset). حيث وصلوا إلى المدينة المنكوبة في* الظلام الدامس* يواجهون رخات المطر العنيفة والعواصف الشديدة*. انقسموا إلى فرق بحث،* كل فرقة* يتكون أفرادها من أربعة أو خمسة رجال*.
* باشر الجنود في* أداء مهمتهم المروّعة باخراج الجرحى والموتى من تحت الأنقاض بمساعدة أضواء مركباتهم ذات حمولة الربع طن،* فكانوا* يستخدمون البالات والفؤوس بين صرخات وتأوهات النساء اللاتي* كن* يبحثن عن أطفالهن وأزواجهن*.
تم نصب مستشفى ميداني* اضطراري* خارج المدينة،* حيث* يتواجد هناك فريق من ثلاثة أطباء عسكريين تابعين للقوات الملكية،* وبعض من المصابين الذين تم نقلهم فيما بعد إلى المستشفى العسكري* البريطاني* في* بنغازي*. أمّا* “النموس*” وهم فرسان الكشافة الملكية الرابعة عشرة وكذلك العشرون فقد وصلوا إلى المدينة بسرعة،* وبدأت مركبات الفصائل المستقلة* 43 ومركبات فيالق الخدمات العسكرية الملكية في* عملها المتواصل في* رحلات مكوكية متواصلة* ،* تجوب الطريق بين المدينة والمطار لجلب الإمدادات*.
أيضاً،* تم إقامة مركز للحالات المستعجلة في* بنغازي* للتنسيق بين مراكز الأسعاف البريطانية والأمريكية والليبية،* وباشرت فرقة الإشارة* 245 بتنسيق عمليات الإتصال بين المركز ومدينة المرج*.
وكانت المدينة التي* ترزح تحت الأنقاض في* حاجة ماسة إلى البطاطين والخيام والأمدادات الطبية،* والأغذية والكهرباء ورجال الإنقاذ،* وعليه قامت القوات البريطانية بعد خمسة ساعات فقط من استلام اشارة طلب النجدة بتوصيل* 2000 بطانية ونقالات* (باريلات*) وخيام وأواني* الطبخ*.
بانقشاع الظلام وتسلل أولى خيوط الفجر،* اتضحت معالم الأضرار التي* أصابت هذه المدينة المهوّلة*. فبحلول الصباح تم اخراج* 100 جثة من تحت الأنقاض،* أما الجرحى فقد تم نقل الكثير منهم الى المستشفى*. كان المشهد في* وسط المدينة مشهداً* حزيناً* بالفعل ويثير الشفقة،* حيث تشاهد كثير من العائلات التي* فقدت بعض من أفرادها وهي* مشتتة هنا وهناك تتدفأ بنيران تم ايقادها من بقايا حطام بيوتهم التي* أودت بحياة ذويهم واحبابهم،* بينما تم نقل جماعات أخرى من الذين أصبحوا بدون مأوى إلى مخيمات اللاجئين التي* تم نصبها على أطراف المدينة*.
وفي* النهار قامت كتيبة ديفونشاير ودورسيت بتنظيم عمليات البحث،* إلاّ* أن تلك الأصوات التي* كانت تقود فرق الإنقاذ إلى الجرحى في* الليلة السابقة انقطعت ولم* يعد لها صدى الآن*. وهكذا خيم الصمت المخيف على مدينة المرج*. لقد كانت عملية البحث مأساوية تقطعت لها قلوب الجنود*. ففي* أحد المنازل وجدوا جثة إمرأة تحمي* أطفالها بذراعيها* – إلا أنها وهم*… ماتوا جميعاً* في* الوقت ذاته*.
إحدى الفرق العسكرية التي* ما زالت تبحث عن الأحياء بعد* 36 ساعة من هذا الزلزال القاتل،* سمع أفرادها أصواتا وأنين تحت الركام،* فاخرجوا كلباً* صغيراً* تملّكه الرعب،* إلاّ* أنه أطلقت عليه رصاصة الرحمة حيث وجدوا أن ظهره قد أنكسر*.
وهناك* …خارج المدينة المنكوبة كانت مهمة بلدوزر فرقة الهندسة الملكية مهمة مروعة بالفعل،* حيث كان البلدوزر* يقوم بحفر قبر جماعي* لـ* 300 شخص توفوا بفعل الزلزال*.
تحركت سرية المشاة* – صمرسيت وكورنوول* Somerset & Cornwall التابعة للكتيبة الأولى* – لدخول* مدينة المرج لتقديم مساعدات اضافية،* بعد أن تم اغلاق المدينة في* وجه الجميع باستثناء فرق الجيش،* بعد فرض حظر التجول من المغرب حتى الفجر لمنع عمليات النهب*.
آخر فرق الجيش البريطاني* التي* غادرت المدينة المنكوبة كانت فرقة الإشارة* 245? أي* بعد أسبوع بالتمام من الهزة الأرضية الأولى*. والتي* كانت مهمتها تزويد الطاقة الكهربائية للمستشفى الواقع في* معكسر الجيش الليبي* في* ضواحي* المدينة،* ولكن هزة أرضية ثانية جعلت من المنطقة مكاناً* خطراً* على حياة المرضى من الجرحى،* فتم اخلاؤهم من المستشفى وبذلك انتهت مهمة فرقة الإشارة* 245.
ومن بين آيات التقدير والثناء التي* تلقاها الجيش البريطاني* ،* كانت كلمة أسقف بنغازي* وهو رئيس الكنيسة الكاثوليكية في* ليبيا،* حيث قال*: “إن أعمال الرحمة التي* قدمتموها رغماً* من الأخطار التي* واجهتكم،* وتحت المعاناة التي* تكبدتموها من جراء ضراوة الطقس،* لن* ينساه لكم أي* إنسان لديه احساس وقلب نابض وعيون ترى*. سوف نتذكركم جميعاً* في* صلواتنا ولزمن طويل*”.
أماّ* الآن فيقوم المهندسون برسم المخططات لبناء مدينة جديدة في* موقع آخر،* حيث ما تبقى من مدينة المرج لم* يعد صالحاً* للسكن،* فلقد أصبحت الآن مدينة تسكنها الأشباح*.
توفي* حوالي* 300 * شخص في* كارثة الزلزال،* ولكن رفع أطنان من الحجارة المحطمة أصبحت عملية مستحيلة*.
دراسة شاملة عن الهزات الأرضية التي* أصابت بعض المدن والقرى الليبية في* السابق*. قام بالدراسة عبد النور سليمان* – باولا ألبيني* – باولا ميغليافكا*:
معلومات أمريكية تفيد بقيام الجيش الأمريكي* بمد المساعدات لمدينة المرج*:
ملاحظة من المترجم*:
قمت بعمليات بحث في* المكتبات العالمية فاكتشفت أن هناك فيلم لزلزال المرج مدته حوالي* دقيقة واحدة* – أنصح كل من لديه اهتمام بتاريخنا القيام بشراء هذا الفيلم لأنه سيفيد الأكاديميين والمؤرخين في* المستقبل*. وتفيد المعلومات أن الهزة الأولى لزلزال المرج استمرت لفترة* 15 ثانية،* ثم تبعتها هزتان أخريان في* صباح اليوم الباكر*.
كما تفيد المعلومات أن الأمريكيين قاموا بالمساعدة أيضاً* في* نقل معدات ومعونات من قاعدة ويلاس* Wheelus الأمريكية الواقعة في* الملاحة* – طرابلس*. ولكن* يجب أن لا ننس أن الجيش الليبي* تحرك على مستوى كبير للمساعدة في* زلزال المرج،* وكذلك المواطنين سواء من بنغازي* أو* غيرها من المدن الليبية*.
*> إنها حقاً* ذكرى مؤلمة لن أنساها*… 21 فبراير* 1963م*
كان عمري* في* ذلك الوقت حوالي* 12 عاماً*… كنت مستلقي* على الحصيرة قرب أبي* وأمي* وبعض الجيران الذين كانوا في* زيارة لنا*… في* مدينة العز بنغازي* الخالدة،* حينما شعرت وكأنني* في* مرجاحة خارقة السرعة صعدت وهبطت بي* بسرعة أصابتني* بدوخة بسيطة،* مثل ذلك الشعور الذي* ينتابك عندما تقلع بك الطائرة حينما ترتفع عجلاتها عن سطح الأرض،* أو ذلك الشعور الذي* ينتابك عندما* يصعد بك مصعد فائق السرعة*…. هكذا لفترة نصف ثانية*.. ربما*… أو أقل*.
أصابتنا الدهشة فخرجنا مسرعين لنستفسر عن الأمر*…. إلاّ* لنجد الكثير من الجيران وهم أيضاً* في* الشارع وقد أصابتهم الدهشة*….
*”الشياب*” لكونهم كبار السن عرفوا أنه زلزال،* فباشروا بالدعاء أن* يحفظنا ويحفظ بنغازي* وأن* يبعد عنا شرور الدنيا*.
* وبعد فترة جاء الخبر عن طريق شخص كان عنده راديو*…. لم تكن أجهزة الراديو متوفرة للجميع في* ذلك الوقت*…. ناهيك عن التلفزيون الذي* لم نسمع به بعد*….
يا للمصيبة أنه زلزال كبير في* مدينة المرج*… مدينة المرج التي* أعرف الآن بعد إن تعلمت من التاريخ أنها المدينة العريقة الشامخة التي* سميت منطقة برقة بكاملها بإسمها* Barce برقه،* المدينة التي* أحاول جاهدا معرفة لماذا سُميت* (المرج*) … هل لأنها تغطى بمروج خضراء في* فصل الربيع مطرزة بزهور زاهية من كل الفصائل،* كما شاهدتها في* بعض الصور؟* ياترى*!! سبق وأن زرت هذه المدينة واحببتها منذ الوهلة الأولى*.
في* اليوم التالي* خرج أطفال بنغازي* في* الشوارع* ينشدون في* لحن حزين وصوت بريء*:
الله* .. الله* .. يا مرجي* الله الله*…
الله* .. الله* … الله واكبر لا حول الله*…
شيء قدير* … مكتوب من الله ايصير*…
مكتوب عليك*… يا مرجي* زلزال ايجيك*…
زلزال كبير*… مكتوب من الله ايصير*…
*….. إلى آخر الأنشودة*… التي* لم أعد اتذكرها،* مع أن جيلنا كان* يحفظ كافة الأناشيد في* ذلك الوقت*.
كانت هناك نجوعاً* في* عام* 1963 تحيط بمدينة المرج*… فكثير من البدو كانوا* يلجأون إلى المدن للإنتقال من حياة البادية إلى حياة المدن،* كما هو الحال في* مدينة بنغازي*.. فينصبون خيامهم على أطراف المدينة*. شاهدت في* بعض الصور وكأن هذه الخيام قد نصبت في* وسط بحيرات من الماء،* فمع أن ساكنيها نجوا حتما من الزلزال إلا أنهم وجدوا أنفسهم* يسبحون في* هذه البرك الموحلة العميقة*.
ومما زاد الطين بلة* (بكل ما تعنيه الكلمة*) هو رخات المطر المتوالية وكأن الطبيعة تآمرت على هذه المدينة في* هذه العملية الرهيبة،* حيث استخدمت كافة ما لديها من أسلحة فتاكة،* وكأن الزلزال وحده لا* يكفي،* فحتى أنها اختارت أن تكون في* شهر رمضان والناس متعبون مجهدون بعد* يوم طويل من الجوع والعطش*… وليكون الزلزال في* الظلام الدامس لتعقيد عملية البحث عن الأحياء والمصابين،* وعززت كل ذلك بهطول الأمطار الغزيزة والرعد والعواصف لتجتمع كافة عناصر الموت والخوف والشقاء* … ولكن لا نعلم ما* يعلمه الله عز وجل* … إذ له في* خلقه شؤون*.
ندعو الله بالرحمة لضحايا زلزال المرج الشهير*….
من مكتبتي* الخاصة
الجنود الليبيون* يبحثون عن الضحايا بين الأنقاض
من مكتبتي* الخاصة
سبحانك الله*.. كيف نجت هذه الحبوبة؟*!
بين أنقاض الدمار الكامل* … يقوم الجنود*
البريطانيون بالبحث عن الأحياء في
منقول
بمناسبة الذكرى الـ* 47 للزلزال الذي* كاد أن* يقضي* على مدينة المرج* عام* 1963م كما* اطلقت* عليها مجلة الجندي* البريطانية* أبريل1963 المدينـة الـتي* ماتـت
> تساقطت قطرات الأمطار الغزيرة من وريقات أشجار اللوز المزهرة،* ودوت قرقعاتها على سطوح تلك البيوت العربية البالية المتهلهلة* ،* بينما كانت النساء* يقمن باعداد وجبة الإفطار في* أحد أيام شهر رمضان*. كانت عقارب ساعة المدينة تشير إلى الساعة* 7.18 مساءً،* ثم*…. وبدون إنذار*… زلزلت الأرض زلزالها* – فارتعشت تلك المدينة الليبية الزراعية التاريخية رعشات الموت*.
انهارت المرج وكأنها مدينة صُنِّعت من ورق اللعب1 عاجزة عن الوقوف ضد تلك الهزات الأرضية العنيفة،* فانسحقت مئات من العائلات تحت الأنقاض،* وكثير منها وجدت نفسها محاصرة اختنقت انفاسها تحت وابل من الصخور المتهاوية*. أما أولئك الذين تمكنوا من النجاة بأنفسهم فقد هربوا بخطى متعثرة مرتبكة،* يركضون كالعميان لا* يرون ما أمامهم،* فقط* ليفتحوا لأنفسهم طريقاً* هرباً* من هذا الدمار*.
يالها من طبيعة قاسية،* فقد اختارت أسوأ الأوقات على الإطلاق،* حيث كان أغلب سكان* (المرج2) Barc داخل بيوتهم وقت الزلزال* ينتظرون أذان الإفطار بعد* يوم طويل من الصيام،* عندما ضرب الزلزال المدينة،* فجعل من كل بيت كومة من الدمار دفنت تحتها عائلات بكاملها*.
خلال دقائق معدودة أصبح أكثر من نصف سكان مدينة المرج الذين* يبلغ* عددهم* 17,000 نسمة بدون مأوى*. فقط المباني* الحكومية الحديثة والكنيسة تمسكت بقواها وظلت واقفة،* وحتى هذه تصدّعت بشكل كبير*.
بعد ساعتين من الهزة الأولى وصل الجنود البريطانيون ملبيين النداء بعد سماعهم طلب النجدة،* فغادروا بنغازي* التي* تبعد حوالي* 60 ميلاً* من مدينة المرج للمساعدة في* عمليات الإنقاذ*.
كان أول من وصل إلى المكان هم جنود السرية* (ج*) التابعة للكتيبة الأولى* (فوج ديفونشاير ودورسيتDevonshire & Dorset). حيث وصلوا إلى المدينة المنكوبة في* الظلام الدامس* يواجهون رخات المطر العنيفة والعواصف الشديدة*. انقسموا إلى فرق بحث،* كل فرقة* يتكون أفرادها من أربعة أو خمسة رجال*.
* باشر الجنود في* أداء مهمتهم المروّعة باخراج الجرحى والموتى من تحت الأنقاض بمساعدة أضواء مركباتهم ذات حمولة الربع طن،* فكانوا* يستخدمون البالات والفؤوس بين صرخات وتأوهات النساء اللاتي* كن* يبحثن عن أطفالهن وأزواجهن*.
تم نصب مستشفى ميداني* اضطراري* خارج المدينة،* حيث* يتواجد هناك فريق من ثلاثة أطباء عسكريين تابعين للقوات الملكية،* وبعض من المصابين الذين تم نقلهم فيما بعد إلى المستشفى العسكري* البريطاني* في* بنغازي*. أمّا* “النموس*” وهم فرسان الكشافة الملكية الرابعة عشرة وكذلك العشرون فقد وصلوا إلى المدينة بسرعة،* وبدأت مركبات الفصائل المستقلة* 43 ومركبات فيالق الخدمات العسكرية الملكية في* عملها المتواصل في* رحلات مكوكية متواصلة* ،* تجوب الطريق بين المدينة والمطار لجلب الإمدادات*.
أيضاً،* تم إقامة مركز للحالات المستعجلة في* بنغازي* للتنسيق بين مراكز الأسعاف البريطانية والأمريكية والليبية،* وباشرت فرقة الإشارة* 245 بتنسيق عمليات الإتصال بين المركز ومدينة المرج*.
وكانت المدينة التي* ترزح تحت الأنقاض في* حاجة ماسة إلى البطاطين والخيام والأمدادات الطبية،* والأغذية والكهرباء ورجال الإنقاذ،* وعليه قامت القوات البريطانية بعد خمسة ساعات فقط من استلام اشارة طلب النجدة بتوصيل* 2000 بطانية ونقالات* (باريلات*) وخيام وأواني* الطبخ*.
بانقشاع الظلام وتسلل أولى خيوط الفجر،* اتضحت معالم الأضرار التي* أصابت هذه المدينة المهوّلة*. فبحلول الصباح تم اخراج* 100 جثة من تحت الأنقاض،* أما الجرحى فقد تم نقل الكثير منهم الى المستشفى*. كان المشهد في* وسط المدينة مشهداً* حزيناً* بالفعل ويثير الشفقة،* حيث تشاهد كثير من العائلات التي* فقدت بعض من أفرادها وهي* مشتتة هنا وهناك تتدفأ بنيران تم ايقادها من بقايا حطام بيوتهم التي* أودت بحياة ذويهم واحبابهم،* بينما تم نقل جماعات أخرى من الذين أصبحوا بدون مأوى إلى مخيمات اللاجئين التي* تم نصبها على أطراف المدينة*.
وفي* النهار قامت كتيبة ديفونشاير ودورسيت بتنظيم عمليات البحث،* إلاّ* أن تلك الأصوات التي* كانت تقود فرق الإنقاذ إلى الجرحى في* الليلة السابقة انقطعت ولم* يعد لها صدى الآن*. وهكذا خيم الصمت المخيف على مدينة المرج*. لقد كانت عملية البحث مأساوية تقطعت لها قلوب الجنود*. ففي* أحد المنازل وجدوا جثة إمرأة تحمي* أطفالها بذراعيها* – إلا أنها وهم*… ماتوا جميعاً* في* الوقت ذاته*.
إحدى الفرق العسكرية التي* ما زالت تبحث عن الأحياء بعد* 36 ساعة من هذا الزلزال القاتل،* سمع أفرادها أصواتا وأنين تحت الركام،* فاخرجوا كلباً* صغيراً* تملّكه الرعب،* إلاّ* أنه أطلقت عليه رصاصة الرحمة حيث وجدوا أن ظهره قد أنكسر*.
وهناك* …خارج المدينة المنكوبة كانت مهمة بلدوزر فرقة الهندسة الملكية مهمة مروعة بالفعل،* حيث كان البلدوزر* يقوم بحفر قبر جماعي* لـ* 300 شخص توفوا بفعل الزلزال*.
تحركت سرية المشاة* – صمرسيت وكورنوول* Somerset & Cornwall التابعة للكتيبة الأولى* – لدخول* مدينة المرج لتقديم مساعدات اضافية،* بعد أن تم اغلاق المدينة في* وجه الجميع باستثناء فرق الجيش،* بعد فرض حظر التجول من المغرب حتى الفجر لمنع عمليات النهب*.
آخر فرق الجيش البريطاني* التي* غادرت المدينة المنكوبة كانت فرقة الإشارة* 245? أي* بعد أسبوع بالتمام من الهزة الأرضية الأولى*. والتي* كانت مهمتها تزويد الطاقة الكهربائية للمستشفى الواقع في* معكسر الجيش الليبي* في* ضواحي* المدينة،* ولكن هزة أرضية ثانية جعلت من المنطقة مكاناً* خطراً* على حياة المرضى من الجرحى،* فتم اخلاؤهم من المستشفى وبذلك انتهت مهمة فرقة الإشارة* 245.
ومن بين آيات التقدير والثناء التي* تلقاها الجيش البريطاني* ،* كانت كلمة أسقف بنغازي* وهو رئيس الكنيسة الكاثوليكية في* ليبيا،* حيث قال*: “إن أعمال الرحمة التي* قدمتموها رغماً* من الأخطار التي* واجهتكم،* وتحت المعاناة التي* تكبدتموها من جراء ضراوة الطقس،* لن* ينساه لكم أي* إنسان لديه احساس وقلب نابض وعيون ترى*. سوف نتذكركم جميعاً* في* صلواتنا ولزمن طويل*”.
أماّ* الآن فيقوم المهندسون برسم المخططات لبناء مدينة جديدة في* موقع آخر،* حيث ما تبقى من مدينة المرج لم* يعد صالحاً* للسكن،* فلقد أصبحت الآن مدينة تسكنها الأشباح*.
توفي* حوالي* 300 * شخص في* كارثة الزلزال،* ولكن رفع أطنان من الحجارة المحطمة أصبحت عملية مستحيلة*.
دراسة شاملة عن الهزات الأرضية التي* أصابت بعض المدن والقرى الليبية في* السابق*. قام بالدراسة عبد النور سليمان* – باولا ألبيني* – باولا ميغليافكا*:
معلومات أمريكية تفيد بقيام الجيش الأمريكي* بمد المساعدات لمدينة المرج*:
ملاحظة من المترجم*:
قمت بعمليات بحث في* المكتبات العالمية فاكتشفت أن هناك فيلم لزلزال المرج مدته حوالي* دقيقة واحدة* – أنصح كل من لديه اهتمام بتاريخنا القيام بشراء هذا الفيلم لأنه سيفيد الأكاديميين والمؤرخين في* المستقبل*. وتفيد المعلومات أن الهزة الأولى لزلزال المرج استمرت لفترة* 15 ثانية،* ثم تبعتها هزتان أخريان في* صباح اليوم الباكر*.
كما تفيد المعلومات أن الأمريكيين قاموا بالمساعدة أيضاً* في* نقل معدات ومعونات من قاعدة ويلاس* Wheelus الأمريكية الواقعة في* الملاحة* – طرابلس*. ولكن* يجب أن لا ننس أن الجيش الليبي* تحرك على مستوى كبير للمساعدة في* زلزال المرج،* وكذلك المواطنين سواء من بنغازي* أو* غيرها من المدن الليبية*.
*> إنها حقاً* ذكرى مؤلمة لن أنساها*… 21 فبراير* 1963م*
كان عمري* في* ذلك الوقت حوالي* 12 عاماً*… كنت مستلقي* على الحصيرة قرب أبي* وأمي* وبعض الجيران الذين كانوا في* زيارة لنا*… في* مدينة العز بنغازي* الخالدة،* حينما شعرت وكأنني* في* مرجاحة خارقة السرعة صعدت وهبطت بي* بسرعة أصابتني* بدوخة بسيطة،* مثل ذلك الشعور الذي* ينتابك عندما تقلع بك الطائرة حينما ترتفع عجلاتها عن سطح الأرض،* أو ذلك الشعور الذي* ينتابك عندما* يصعد بك مصعد فائق السرعة*…. هكذا لفترة نصف ثانية*.. ربما*… أو أقل*.
أصابتنا الدهشة فخرجنا مسرعين لنستفسر عن الأمر*…. إلاّ* لنجد الكثير من الجيران وهم أيضاً* في* الشارع وقد أصابتهم الدهشة*….
*”الشياب*” لكونهم كبار السن عرفوا أنه زلزال،* فباشروا بالدعاء أن* يحفظنا ويحفظ بنغازي* وأن* يبعد عنا شرور الدنيا*.
* وبعد فترة جاء الخبر عن طريق شخص كان عنده راديو*…. لم تكن أجهزة الراديو متوفرة للجميع في* ذلك الوقت*…. ناهيك عن التلفزيون الذي* لم نسمع به بعد*….
يا للمصيبة أنه زلزال كبير في* مدينة المرج*… مدينة المرج التي* أعرف الآن بعد إن تعلمت من التاريخ أنها المدينة العريقة الشامخة التي* سميت منطقة برقة بكاملها بإسمها* Barce برقه،* المدينة التي* أحاول جاهدا معرفة لماذا سُميت* (المرج*) … هل لأنها تغطى بمروج خضراء في* فصل الربيع مطرزة بزهور زاهية من كل الفصائل،* كما شاهدتها في* بعض الصور؟* ياترى*!! سبق وأن زرت هذه المدينة واحببتها منذ الوهلة الأولى*.
في* اليوم التالي* خرج أطفال بنغازي* في* الشوارع* ينشدون في* لحن حزين وصوت بريء*:
الله* .. الله* .. يا مرجي* الله الله*…
الله* .. الله* … الله واكبر لا حول الله*…
شيء قدير* … مكتوب من الله ايصير*…
مكتوب عليك*… يا مرجي* زلزال ايجيك*…
زلزال كبير*… مكتوب من الله ايصير*…
*….. إلى آخر الأنشودة*… التي* لم أعد اتذكرها،* مع أن جيلنا كان* يحفظ كافة الأناشيد في* ذلك الوقت*.
كانت هناك نجوعاً* في* عام* 1963 تحيط بمدينة المرج*… فكثير من البدو كانوا* يلجأون إلى المدن للإنتقال من حياة البادية إلى حياة المدن،* كما هو الحال في* مدينة بنغازي*.. فينصبون خيامهم على أطراف المدينة*. شاهدت في* بعض الصور وكأن هذه الخيام قد نصبت في* وسط بحيرات من الماء،* فمع أن ساكنيها نجوا حتما من الزلزال إلا أنهم وجدوا أنفسهم* يسبحون في* هذه البرك الموحلة العميقة*.
ومما زاد الطين بلة* (بكل ما تعنيه الكلمة*) هو رخات المطر المتوالية وكأن الطبيعة تآمرت على هذه المدينة في* هذه العملية الرهيبة،* حيث استخدمت كافة ما لديها من أسلحة فتاكة،* وكأن الزلزال وحده لا* يكفي،* فحتى أنها اختارت أن تكون في* شهر رمضان والناس متعبون مجهدون بعد* يوم طويل من الجوع والعطش*… وليكون الزلزال في* الظلام الدامس لتعقيد عملية البحث عن الأحياء والمصابين،* وعززت كل ذلك بهطول الأمطار الغزيزة والرعد والعواصف لتجتمع كافة عناصر الموت والخوف والشقاء* … ولكن لا نعلم ما* يعلمه الله عز وجل* … إذ له في* خلقه شؤون*.
ندعو الله بالرحمة لضحايا زلزال المرج الشهير*….
من مكتبتي* الخاصة
الجنود الليبيون* يبحثون عن الضحايا بين الأنقاض
من مكتبتي* الخاصة
سبحانك الله*.. كيف نجت هذه الحبوبة؟*!
بين أنقاض الدمار الكامل* … يقوم الجنود*
البريطانيون بالبحث عن الأحياء في
منقول