لا تقنطوا من رحمة الله تعالي
............
القانطين جمع قانط اليائس والقنوط اليأس من الخير والشكر تصور النعمة وإظهارها ويُضاده الكفر وهو نسيان النعمة وسترها والثواب ويكون في الخير والشر إلا أنه بالخير أخص وأكثر استعمالاً ، والأمن طمأنينة وسكينة للنفس وزوال الخوف ففي هذا الحث علي المبادرة إلي الله تعالي بعد فعل الذنب واقتراف المعصية والإنابة إليه واعتقاد الرجاء والعفو واستبعاد القنوط واليأس من رحمة الله وعفوه ، وقد مـنَّ الله علينا باباً مفتوحاً للعصاه والمذنبين والمسرفين علي أنفسهم مهما بلغت ذنوبهم سوي الشرك وحض المذنبين علي الإنابة والرجوع إلي الله وعدم القنوط واليأس من رحمة الله تعالي
قال الله تعالي:-
" قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ"الزمر53
هذه الآية الكريمة دعوة لجميع العصاة من الكفرة وغيرهم إلى التوبة والإنابة وإخبار بأن الله تبارك وتعالى يغفر الذنوب جميعاً لمن تاب منها ورجع عنها وإن كانت مهما كانت وإن كثرت وكانت مثل زبد البحر, ولا يصح حمل هذه على غير توبة لأن الشرك لا يغفر لمن لم يتب منه.
............
المراد أنه يغفر جميع الذنوب مع التوبة ولا يقنط عبد من رحمة الله وإن عظمت ذنوبه وكثرت فإن باب الرحمة والتوبة واسع قال الله تعالى: "ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده" وقال عز وجل: "ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً"
ثم قال جلت عظمته: "أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم" وقال تبارك وتعالى: "إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا" قال الحسن البصري رحمة الله عليه انظروا إلى هذا الكرم والجود قتلوا أولياءه وهو يدعوهم إلى التوبة والمغفرة
وفي الصحيحين عن أبي سعيد رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث الذي قتل تسعاً وتسعين نفساً ثم ندم وسأل عابداً من عباد بني إسرائيل هل له من توبة, فقال: لا فقتله وأكمل به مائة ثم سأل عالماً من علمائهم هل له من توبة فقال ومن يحل بينك وبين التوبة. ثم أمره بالذهاب إلى قرية يعبد الله فيها فقصدها فأتاه الموت في أثناء الطريق فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فأمر الله عز وجل أن يقيسوا ما بين الأرضيين فإلى أيهما كان أقرب فهو منها فوجدوه أقرب إلى الأرض التي هاجر إليها فقبضته ملائكة الرحمة, وذكر أنه نأى بصدره عند الموت وأن الله تبارك وتعالى أمر البلدة الخيرة أن تقترب وأمر تلك البلدة أن تتباعد .
.... قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما من آئيس عباد الله من التوبة بعد هذا فقد جحد كتاب الله عز وجل, ولكن لا يقدر العبد أن يتوب حتى يتوب الله عليه
ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "والذي نفسي بيده لو أخطأتم حتى تملأ خطاياكم ما بين السماء والأرض ثم استغفرتم الله تعالى لغفر لكم, والذي نفس محمد صلى الله عليه وسلم بيده لو لم تخطئوا لجاء الله عز وجل بقوم يخطئون ثم يستغفرون الله فيغفر لهم" قال عنه الشوكاني والهيثمي رجاله ثقات , وقال عنه الألباني في السلسلة الصحيحة: رجاله ثقات إلا أخشم السدوسي
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كفارة الذنب الندامة" ضعفه الألباني في ضعيف الجامع والسلسلة الضعيفة , وضعفه أحمد شاكر في مسند أحمد
" وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ"الزمر54 فقال: "وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له" أي ارجعوا إلى الله واستسلموا له "من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون" أي بادروا بالتوبة والعمل الصالح قبل حلول النقمة
وفي قوله تعالي:-
"إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً"النساء17
" إنما التوبة على الله " قيل: هذه الآية عامة لكل من عمل ذنباً. وقيل: لمن جهل فقط، والتوبة لكل من عمل ذنباً واتفقت الأمة على أن التوبة فرض على المؤمنين لقوله تعالى:" وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون"
قال معاذ:بينا أنا رديف النبي صلى الله عليه وسلم ، ليس بيني وبينه إلا آخرة الرحل ، فقال : ( يا معاذ ) . قلت : لبيك يا رسول الله وسعديك ، ثم سار ساعة ثم قال : ( يا معاذ ) . قلت : لبيك رسول الله وسعديك ، ثم سار ساعة ، ثم قال : ( يا معاذ بن جبل ) . قلت : لبيك رسول الله وسعديك ، قال : ( هل تدري ما حق الله على عباده ) . قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : ( حق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ) . ثم سار ساعة ثم قال : ( يا معاذ بن جبل ) . قلت : لبيك رسول الله وسعديك ، قال : ( هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوه ) . قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : ( حق العباد على الله أن لا يعذبهم ) . رواه البخاري
" ثم يتوبون من قريب" معناه قبل المرض والموت أي كل ما كان قبل الموت فهو قريب نعني كل من يرتكب الذنب يتوب في وقتها فإن الله تعالي يمُن علينا بحلمه أن يؤجل العقوبة في إنزالها علينا ولابد أن لا ننتظر وقت للتوبة لكي ندخل في رحمة الله تعالي واقـتـرنت التوبة برحمة رب العالمين من الذنوب التي ارتكبت بجهالة أو غيرها
في قوله تعالي:-
"وَإِذَا جَاءكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ"الأنعام54
....
وقوله تعالى :" كتب ربكم على نفسه الرحمة " أي أوجب ذلك بخبره الصدق ووعده الحق ، فخوطب العباد على ما يعرفونه من أنه من كتب شيئاً فقد أوجبه على نفسه، وقيل: كتب ذلك في اللوح المحفوظ"
دليله قوله تعالى :" كتب على نفسه الرحمة" [الأنعام:12] أي وعد بها وقيل: على ها هنا معناها عند والمعنى واحد، التقدير عند الله أي إنه وعد ولا خلف في وعده أنه يقبل التوبة إذا كانت بشروطها المصححة لها، وبه أربعة الندم على الذنب وترك المعصية في الحال والعزم على ألا يعود إلى مثلها، وأن يكون ذلك حياء من الله تعالى لا من غيره فإذا اختل شرط من هذه الشروط لم تصح التوبة، وقد قيل من شروطها: الاعتراف بالذنب وكثرة الاستغفار.
وقال الزجاج: يعني قوله بجهالةً اختيارهم اللذة الفانية على اللذة الباقية
أنه من عمل منكم سوءاً بجهالة " أي خطيئة من غير قصد، قال مجاهد: لا يعلم حلالاً من حرام ومن جهالته ركب الأمر، فكل من عمل خطيئة فهو بها جاهل وقيل: من آثر العاجل على الأخرة فهو الجاهل " فأنه غفور رحيم "
...
ففيه الترغيب في التوبة والرجوع إلي الله سبحانه وتعالي ولا سيما الخائفين من الله تعالي الذين أذنبوا وخافوا من الوقوف بين يدي الله جل ذكره يوم الموقف الأكبر يوم الذي تظهر فيه عورات الناس ويشرف المطيع ويذل فيه العاصي غير التائب من الذنب ؛ فإن شكر الله عز وجل كناية عن رضاه ولكن عند شكر العبد علي نعم الله تعالي عليه فيكون الفرق كبير لأن شكر العبد في الاستعانة بالله تعالي علي الطاعة عن طريق ذكره وشكره فلابد أن ندعوه دبر كل صلاه
اللهم أعني علي ذكرك وشكرك وحسن عبادتك أي يستلزم ذكر نعمه وآلائه وإحسانه إلي خلقه فحق الله تبارك وتعالي علينا
أن يُذكر فلا ينسي ويشكر فلا يكفر وأن يُطاع فلا يُعصى
لأنه سبحانه ذاكر لمن ذكره ، شاكر لمن شكره ، فذكره سبب لذكره ؛ وشكره سبب لزيادته من فضله
فالذكر للقلب واللسان ، والشكر للقلب محبة وإنابة وللسان ثناء وحمد وللجوارح طاعة وخدمة وللعين بكاء.
قال النبي صلي الله عليه وسلم
" يقول الله عز وجل أخرجوا من النار من ذكرني أو خافني في مقام"قال عنه المنذري في الترغيب والترهيب: إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما , وقال عنه ابن القيم في حادي الأرواح: ثابت
فلنا أن نتعلم أن لترك المعاصي آثاراً أي فوائد لابد وأن نجتهد في ترك كل معصية لننال هذه الآثار أي الفوائد التي يمُن الله تبارك وتعالي علينا بها
فمنها صيانة المال وصون العرض وحفظ الجاه وقوة القلب وطيب النفس ونعيم القلب وانشراح الصدر وقله الهم والغم والحزن ويسر الرزق وتسهيل الطاعات وتيسير العلم والمهابة التي تلقي في قلوب الناس وقرب الملائكة منه وحذر شياطين الإنس والجن منه وتنافس الناس علي خدمته .
......
قال صلي الله عليه :- (إن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه) قال عنه الترمذي غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه , وضعفه النووي , وقال عنه القيسراني: فيه صالح بن بشير المري واهي الحديث , وقال عنه المنذري فيه صالح المري تركه أبو داود والنسائي , أما الألباني فحسن الحديث
الأوزاعي : كان يقال : أفضل الدعاء الإلحاح علي الله ، والتضرع إليه .
اللهم إنك تري مكاني وتسمع كلامي ولا يخفي عليك شئ من أمري أنا البائس الفقير المستغيث المستجير الوجل المشفق المقر المعترف بذنبه
أسألك مسألة المسكين وأبتهل إليك ابتهال المذنب الذليل ،
دعاء من خضعت لك رقبته ،
وذل لك جسده ، ورغم لك أنفه ، وفاضت عيناه اللهم لا تجعلني بدعائك ربي شقياً وكن بي رءوفاً رحيماً يا خير المسئولين ويا خير المعطين
............
القانطين جمع قانط اليائس والقنوط اليأس من الخير والشكر تصور النعمة وإظهارها ويُضاده الكفر وهو نسيان النعمة وسترها والثواب ويكون في الخير والشر إلا أنه بالخير أخص وأكثر استعمالاً ، والأمن طمأنينة وسكينة للنفس وزوال الخوف ففي هذا الحث علي المبادرة إلي الله تعالي بعد فعل الذنب واقتراف المعصية والإنابة إليه واعتقاد الرجاء والعفو واستبعاد القنوط واليأس من رحمة الله وعفوه ، وقد مـنَّ الله علينا باباً مفتوحاً للعصاه والمذنبين والمسرفين علي أنفسهم مهما بلغت ذنوبهم سوي الشرك وحض المذنبين علي الإنابة والرجوع إلي الله وعدم القنوط واليأس من رحمة الله تعالي
قال الله تعالي:-
" قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ"الزمر53
هذه الآية الكريمة دعوة لجميع العصاة من الكفرة وغيرهم إلى التوبة والإنابة وإخبار بأن الله تبارك وتعالى يغفر الذنوب جميعاً لمن تاب منها ورجع عنها وإن كانت مهما كانت وإن كثرت وكانت مثل زبد البحر, ولا يصح حمل هذه على غير توبة لأن الشرك لا يغفر لمن لم يتب منه.
............
المراد أنه يغفر جميع الذنوب مع التوبة ولا يقنط عبد من رحمة الله وإن عظمت ذنوبه وكثرت فإن باب الرحمة والتوبة واسع قال الله تعالى: "ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده" وقال عز وجل: "ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً"
ثم قال جلت عظمته: "أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم" وقال تبارك وتعالى: "إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا" قال الحسن البصري رحمة الله عليه انظروا إلى هذا الكرم والجود قتلوا أولياءه وهو يدعوهم إلى التوبة والمغفرة
وفي الصحيحين عن أبي سعيد رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث الذي قتل تسعاً وتسعين نفساً ثم ندم وسأل عابداً من عباد بني إسرائيل هل له من توبة, فقال: لا فقتله وأكمل به مائة ثم سأل عالماً من علمائهم هل له من توبة فقال ومن يحل بينك وبين التوبة. ثم أمره بالذهاب إلى قرية يعبد الله فيها فقصدها فأتاه الموت في أثناء الطريق فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فأمر الله عز وجل أن يقيسوا ما بين الأرضيين فإلى أيهما كان أقرب فهو منها فوجدوه أقرب إلى الأرض التي هاجر إليها فقبضته ملائكة الرحمة, وذكر أنه نأى بصدره عند الموت وأن الله تبارك وتعالى أمر البلدة الخيرة أن تقترب وأمر تلك البلدة أن تتباعد .
.... قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما من آئيس عباد الله من التوبة بعد هذا فقد جحد كتاب الله عز وجل, ولكن لا يقدر العبد أن يتوب حتى يتوب الله عليه
ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "والذي نفسي بيده لو أخطأتم حتى تملأ خطاياكم ما بين السماء والأرض ثم استغفرتم الله تعالى لغفر لكم, والذي نفس محمد صلى الله عليه وسلم بيده لو لم تخطئوا لجاء الله عز وجل بقوم يخطئون ثم يستغفرون الله فيغفر لهم" قال عنه الشوكاني والهيثمي رجاله ثقات , وقال عنه الألباني في السلسلة الصحيحة: رجاله ثقات إلا أخشم السدوسي
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كفارة الذنب الندامة" ضعفه الألباني في ضعيف الجامع والسلسلة الضعيفة , وضعفه أحمد شاكر في مسند أحمد
" وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ"الزمر54 فقال: "وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له" أي ارجعوا إلى الله واستسلموا له "من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون" أي بادروا بالتوبة والعمل الصالح قبل حلول النقمة
وفي قوله تعالي:-
"إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً"النساء17
" إنما التوبة على الله " قيل: هذه الآية عامة لكل من عمل ذنباً. وقيل: لمن جهل فقط، والتوبة لكل من عمل ذنباً واتفقت الأمة على أن التوبة فرض على المؤمنين لقوله تعالى:" وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون"
قال معاذ:بينا أنا رديف النبي صلى الله عليه وسلم ، ليس بيني وبينه إلا آخرة الرحل ، فقال : ( يا معاذ ) . قلت : لبيك يا رسول الله وسعديك ، ثم سار ساعة ثم قال : ( يا معاذ ) . قلت : لبيك رسول الله وسعديك ، ثم سار ساعة ، ثم قال : ( يا معاذ بن جبل ) . قلت : لبيك رسول الله وسعديك ، قال : ( هل تدري ما حق الله على عباده ) . قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : ( حق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ) . ثم سار ساعة ثم قال : ( يا معاذ بن جبل ) . قلت : لبيك رسول الله وسعديك ، قال : ( هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوه ) . قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : ( حق العباد على الله أن لا يعذبهم ) . رواه البخاري
" ثم يتوبون من قريب" معناه قبل المرض والموت أي كل ما كان قبل الموت فهو قريب نعني كل من يرتكب الذنب يتوب في وقتها فإن الله تعالي يمُن علينا بحلمه أن يؤجل العقوبة في إنزالها علينا ولابد أن لا ننتظر وقت للتوبة لكي ندخل في رحمة الله تعالي واقـتـرنت التوبة برحمة رب العالمين من الذنوب التي ارتكبت بجهالة أو غيرها
في قوله تعالي:-
"وَإِذَا جَاءكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ"الأنعام54
....
وقوله تعالى :" كتب ربكم على نفسه الرحمة " أي أوجب ذلك بخبره الصدق ووعده الحق ، فخوطب العباد على ما يعرفونه من أنه من كتب شيئاً فقد أوجبه على نفسه، وقيل: كتب ذلك في اللوح المحفوظ"
دليله قوله تعالى :" كتب على نفسه الرحمة" [الأنعام:12] أي وعد بها وقيل: على ها هنا معناها عند والمعنى واحد، التقدير عند الله أي إنه وعد ولا خلف في وعده أنه يقبل التوبة إذا كانت بشروطها المصححة لها، وبه أربعة الندم على الذنب وترك المعصية في الحال والعزم على ألا يعود إلى مثلها، وأن يكون ذلك حياء من الله تعالى لا من غيره فإذا اختل شرط من هذه الشروط لم تصح التوبة، وقد قيل من شروطها: الاعتراف بالذنب وكثرة الاستغفار.
وقال الزجاج: يعني قوله بجهالةً اختيارهم اللذة الفانية على اللذة الباقية
أنه من عمل منكم سوءاً بجهالة " أي خطيئة من غير قصد، قال مجاهد: لا يعلم حلالاً من حرام ومن جهالته ركب الأمر، فكل من عمل خطيئة فهو بها جاهل وقيل: من آثر العاجل على الأخرة فهو الجاهل " فأنه غفور رحيم "
...
ففيه الترغيب في التوبة والرجوع إلي الله سبحانه وتعالي ولا سيما الخائفين من الله تعالي الذين أذنبوا وخافوا من الوقوف بين يدي الله جل ذكره يوم الموقف الأكبر يوم الذي تظهر فيه عورات الناس ويشرف المطيع ويذل فيه العاصي غير التائب من الذنب ؛ فإن شكر الله عز وجل كناية عن رضاه ولكن عند شكر العبد علي نعم الله تعالي عليه فيكون الفرق كبير لأن شكر العبد في الاستعانة بالله تعالي علي الطاعة عن طريق ذكره وشكره فلابد أن ندعوه دبر كل صلاه
اللهم أعني علي ذكرك وشكرك وحسن عبادتك أي يستلزم ذكر نعمه وآلائه وإحسانه إلي خلقه فحق الله تبارك وتعالي علينا
أن يُذكر فلا ينسي ويشكر فلا يكفر وأن يُطاع فلا يُعصى
لأنه سبحانه ذاكر لمن ذكره ، شاكر لمن شكره ، فذكره سبب لذكره ؛ وشكره سبب لزيادته من فضله
فالذكر للقلب واللسان ، والشكر للقلب محبة وإنابة وللسان ثناء وحمد وللجوارح طاعة وخدمة وللعين بكاء.
قال النبي صلي الله عليه وسلم
" يقول الله عز وجل أخرجوا من النار من ذكرني أو خافني في مقام"قال عنه المنذري في الترغيب والترهيب: إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما , وقال عنه ابن القيم في حادي الأرواح: ثابت
فلنا أن نتعلم أن لترك المعاصي آثاراً أي فوائد لابد وأن نجتهد في ترك كل معصية لننال هذه الآثار أي الفوائد التي يمُن الله تبارك وتعالي علينا بها
فمنها صيانة المال وصون العرض وحفظ الجاه وقوة القلب وطيب النفس ونعيم القلب وانشراح الصدر وقله الهم والغم والحزن ويسر الرزق وتسهيل الطاعات وتيسير العلم والمهابة التي تلقي في قلوب الناس وقرب الملائكة منه وحذر شياطين الإنس والجن منه وتنافس الناس علي خدمته .
......
قال صلي الله عليه :- (إن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه) قال عنه الترمذي غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه , وضعفه النووي , وقال عنه القيسراني: فيه صالح بن بشير المري واهي الحديث , وقال عنه المنذري فيه صالح المري تركه أبو داود والنسائي , أما الألباني فحسن الحديث
الأوزاعي : كان يقال : أفضل الدعاء الإلحاح علي الله ، والتضرع إليه .
اللهم إنك تري مكاني وتسمع كلامي ولا يخفي عليك شئ من أمري أنا البائس الفقير المستغيث المستجير الوجل المشفق المقر المعترف بذنبه
أسألك مسألة المسكين وأبتهل إليك ابتهال المذنب الذليل ،
دعاء من خضعت لك رقبته ،
وذل لك جسده ، ورغم لك أنفه ، وفاضت عيناه اللهم لا تجعلني بدعائك ربي شقياً وكن بي رءوفاً رحيماً يا خير المسئولين ويا خير المعطين